في زمن تحولت فيه الشهرة إلى غاية، و”التريند” إلى تبرير لكل خرق للقيم والتقاليد، جاءت حملة وزارة الداخلية الأخيرة لتقول كلمتها الحاسمة: لا أحد فوق القانون، حتى لو كان متابعوك بالملايين.
حملة أمنية موسعة ضربت بقوة في عالم “البلوجرز” وصناع المحتوى، مستهدفة شخصيات أثارت الجدل، وروّجت لمحتوى يتجاوز حدود المقبول، أخلاقيًا وقانونيًا، تحت ستار الحرية والتعبير.
لكن الواقع كشف عن جرائم متعددة؛ ما بين خدش الحياء، والإتجار بالمخدرات، والتربح غير المشروع، وادعاءات كاذبة تمس رموز الدولة.
“أم سجدة” و”أم مكة”.. الشهرة على حساب القيم
أولى المفاجآت كانت مع القبض على “أم سجدة” و”أم مكة”، وهما سيدتان اشتهرتا بتقديم محتوى يومي على مواقع التواصل، يظهر نمط حياة استعراضي مبالغ فيه، مصحوبًا بلغة خادشة للحياء، وعبارات لا تمت للذوق العام بصلة.
تحقيقات النيابة كشفت أن الثنائي اعتمدتا على إثارة الجدل، و”استفزاز المتابعين”، كوسيلة للانتشار السريع، مع تلميحات جنسية صريحة أحيانًا، وتحديات خارجة عن السياق الأخلاقي، دفعت الكثيرين للتساؤل: من أين جاءت كل هذه الثروات المفاجئة؟
وبعد عدة بلاغات من مواطنين ونواب، تحركت الجهات المعنية، ليتم القبض على السيدتين، والتحفظ على هواتفهن ومحتويات منازلهن، وسط مؤشرات أولية على وجود تحويلات مالية كبيرة من خارج البلاد، يجرى التحقق من مصادرها.
“سوزي الأردنية”.. ضيفة غير مرغوب فيها
وفي القاهرة الجديدة، ضُبطت سيدة تُعرف على مواقع التواصل باسم “سوزي الأردنية”، بعد بلاغات متكررة من سكان في محيط إقامتها، تشير إلى ضوضاء ليلية، وتوافد متكرر لسيارات فارهة، ومحتوى إلكتروني “غير لائق” يتم تصويره من الشقة.
التحقيقات الأولية أكدت أن سوزي كانت تُدير حسابات متعددة، تنشر من خلالها فيديوهات مثيرة للجدل، تتضمن إيحاءات وعبارات خارجة، مع تلميحات تروّج لأسلوب حياة قائم على “بيع الأوهام” للمتابعين، خاصة من المراهقين والشباب.
وتشير مصادر أمنية إلى وجود تواصل بين سوزي وبعض الشخصيات خارج مصر، يُشتبه في تمويلهم لهذه الحسابات بغرض التأثير الثقافي وتشويه القيم المجتمعية.
“مداهم”.. نجم التيك توك يسقط بالمال والمخدرات
أما الضربة الأكثر دويًا، فكانت مع القبض على صانع المحتوى المعروف باسم “مداهم”، الذي اشتهر بفيديوهاته الساخرة ومداهماته المفبركة لأماكن مهجورة، محققًا ملايين المشاهدات في وقت قياسي لكن خلف هذه الشهرة، كان هناك عالم آخر.
الداخلية أعلنت ضبط “مداهم” وبحوزته مبالغ مالية ضخمة، وعدد من لفافات المخدرات، في شقة بالقاهرة الكبرى التحريات كشفت عن تعمده إظهار مشاهد “خطرة” ومبالغ فيها، لتضليل المشاهد، والادعاء بأنه في صراع دائم مع قوى خفية، ما جذب فئة واسعة من المتابعين.
التحقيقات مستمرة للكشف عن علاقاته المالية، خاصة بعد تتبع تحويلات من حسابات إلكترونية غير موثقة.
سيدة تدّعي النسب إلى مبارك
في واقعة أقرب إلى الخيال، تم ضبط سيدة أربعينية زعمت في بث مباشر أنها “ابنة الرئيس الراحل حسني مبارك”، وأن لها الحق في أموال وممتلكات “مخبأة” في بنوك سويسرية.
الداخلية أكدت أن السيدة لا تربطها أي صلة بالرئيس الراحل، وأنها سبق وخضعت لعلاج نفسي، قبل أن تعود لمواقع التواصل وتبدأ حملة تضليل للرأي العام، تستهدف إثارة البلبلة وترويج الإشاعات.
وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية، وتحويلها للنيابة، مع مخاطبة الجهات الصحية المختصة لتقييم وضعها النفسي.
الداخلية: حماية المجتمع أولًا
مصدر أمني صرّح أن هذه الحملة تأتي في إطار “استراتيجية شاملة لضبط الأداء الرقمي”، مؤكدًا أن وزارة الداخلية لا تستهدف حرية التعبير، لكنها “لن تتهاون مع أي محتوى يهدد قيم المجتمع أو يتسبب في انحراف سلوكي بين الشباب”.
وأضاف: “وسائل التواصل الاجتماعي ليست خارج القانون، والمشاهير والمؤثرون يُعاملون كمواطنين عاديين أمام النيابة، لا تمييز ولا حصانة لأحد”.
وأكدت الوزارة أن فريقًا متخصصًا يتابع المحتوى المتداول على مدار الساعة، بالتعاون مع جهاز تنظيم الاتصالات، لرصد أي خروقات أو تجاوزات تمس الأمن الأخلاقي للمجتمع المصري.
من “أم سجدة” إلى “مداهم”: الداخلية تكشف الوجه القبيح لمحتوى السوشيال ميديا

