
إغلاق مضيق هرمز.. خطر يهدد شريان الطاقة العالمي ويهدد استقرار الاقتصاد الدولي
في ظل تصاعد التوترات في منطقة الخليج العربي، عاد الحديث مجددًا عن احتمالية غلق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية في العالم وأكثرها حساسية. فكل مرة تلوح فيها التهديدات بإغلاق هذا الممر الاستراتيجي، ترتجف أسواق النفط العالمية، وتتأهب اقتصادات الدول الكبرى لاحتمالات ارتفاع الأسعار وتعطل سلاسل الإمداد، ما ينذر بعواقب اقتصادية هائلة.
يُعد مضيق هرمز البوابة البحرية الأهم لصادرات النفط في العالم، حيث تمر عبره نحو 20 مليون برميل يوميًا، ما يعادل نحو ثلث تجارة النفط المنقولة بحرًا عالميًا، إلى جانب كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال والبضائع التجارية.
موقع استراتيجي وتحكم في الطاقة العالمية
يقع مضيق هرمز بين سواحل إيران شمالًا وسلطنة عُمان والإمارات جنوبًا، ويربط الخليج العربي بخليج عمان ثم البحر العربي والمحيط الهندي. يبلغ عرضه في أضيق نقطة نحو 33 كيلومترًا، ويضم ممرين ملاحيين بعرض كيلومترين لكل منهما.
من خلال هذا المضيق، تصدر دول الخليج النفط والغاز إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، وعلى رأسها السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والعراق، والبحرين.
من المتضرر الأكبر من إغلاق المضيق؟
دول الخليج المنتجة للنفط ستكون الأكثر تضررًا، إذ تعتمد بشكل شبه كلي على هذا المعبر لتصدير إنتاجها.
الأسواق الآسيوية الكبرى مثل الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، والتي تستورد معظم حاجتها من النفط من الخليج، ستواجه اضطرابات حادة في الإمدادات.
الاقتصاد الأوروبي سيتأثر كذلك بارتفاع أسعار النفط والغاز، خاصة في ظل استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
الولايات المتحدة، رغم أنها أقل اعتمادًا على نفط الخليج، إلا أن الشركات الأمريكية العاملة في قطاع النقل البحري والتأمين والبورصات ستتأثر سلبًا.
الخسائر اليومية المتوقعة: مليارات الدولارات
تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن غلق مضيق هرمز قد يتسبب في خسائر مباشرة تتجاوز 10 مليارات دولار يوميًا، موزعة بين توقف الصادرات، تكاليف التأمين المرتفعة، وزيادة أسعار الوقود عالميًا. وقد يرتفع سعر برميل النفط فورًا بأكثر من 30-40% في أول أسبوع، مع احتمالات لبلوغ حاجز 150 دولارًا إذا استمر الإغلاق.
بدائل محدودة ومكلفة
رغم محاولات بعض الدول إيجاد بدائل لمضيق هرمز، مثل خطوط أنابيب عبر السعودية أو الإمارات، فإن هذه البدائل لا تغطي أكثر من 30-40% من إجمالي الصادرات، كما أنها مكلفة وتستغرق وقتًا أطول، مما يعني استمرار الاعتماد الأساسي على المضيق في المستقبل القريب.
لا تقتصر آثار الإغلاق المحتمل على النفط، بل تمتد إلى حركة السفن التجارية، وقطاع النقل البحري العالمي، الذي قد يضطر إلى تغيير مساراته، مما يزيد من تكلفة الشحن ويؤخر حركة البضائع. كما يزيد ذلك من مخاطر القرصنة البحرية في بحر العرب والمحيط الهندي، ويضغط على أسعار التأمين البحري لتبلغ مستويات غير مسبوقة.
الاقتصاد العالمي أمام اختبار جديد
في ظل هشاشة الاقتصاد العالمي، خاصة بعد جائحة كورونا وتداعيات الحرب في أوكرانيا، فإن أي اضطراب كبير في سوق الطاقة سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو في كبرى الاقتصاديات العالمية، مع ما يصاحب ذلك من اضطرابات في الأسواق المالية، وتفاقم أزمة الديون لدى الدول النامية.