
شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج تطوراً لافتاً خلال العام الذي أعقب تنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي أُطلقت في مارس 2024، حيث سجلت التحويلات طفرة غير مسبوقة على مدار الفترة الممتدة من مارس 2024 حتى فبراير 2025. فقد ارتفعت التحويلات بنسبة بلغت 72.4%، بما يعادل نحو 13.7 مليار دولار، لتصل إلى إجمالي قدره 32.6 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تحققه تلك التدفقات منذ بدء تسجيلها.
ويعكس هذا الأداء الإيجابي حالة الثقة المتزايدة من جانب المصريين في الخارج بالاقتصاد المصري، ومدى تفاعلهم مع التغيرات الجوهرية التي شهدتها السياسة النقدية وسعر الصرف، إلى جانب الاستقرار المتنامي في البيئة الاقتصادية العامة. ويُنظر إلى هذه الزيادة باعتبارها مؤشراً مباشراً على نجاح السياسات الإصلاحية في استعادة التدفقات الدولارية من المصادر المستدامة، وعلى رأسها تحويلات العاملين بالخارج.
وكان لافتاً أيضاً تسجيل شهر فبراير 2025 قفزة نوعية في حجم التحويلات، حيث واصلت الارتفاع للشهر الثاني عشر على التوالي، محققة أكثر من ضعف ما تم تسجيله في فبراير من العام السابق. فقد بلغت تحويلات فبراير 2025 نحو 3.0 مليارات دولار، مقارنة بنحو 1.3 مليار دولار في فبراير 2024، وهي أعلى قيمة يتم تحقيقها في هذا الشهر تاريخياً، بما يمثل سابقة تعزز من زخم المؤشرات الإيجابية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذا النمو القوي في التحويلات يعزز من قدرة الاقتصاد المصري على زيادة احتياطاته من النقد الأجنبي، وتخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات، كما يدعم جهود الحكومة في تعزيز مصادر التمويل الخارجي دون الحاجة إلى الاستدانة، مشيرين إلى أهمية الاستمرار في تحسين بيئة الاستثمار وتيسير الإجراءات المصرفية لتشجيع المزيد من هذه التدفقات.
كما يُتوقع أن تواصل هذه التحويلات مسارها التصاعدي في الأشهر المقبلة، مدعومة باستقرار سعر الصرف، وتراجع معدلات التضخم، وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، ما يجعل تحويلات المصريين بالخارج أحد الركائز الأساسية في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التوازن المالي.